الأحد، 28 نوفمبر 2010

تكنولوجيا الإعلام والاتصال

تكنولوجيا الإعلام والاتصال 
يحيى اليحياوي


1- الكلام في تكنولوجيا الإعلام والاتصال يطرح إشكالان كبيران اثنان:

+ الأول كونها أصبحت جزءا من الحياة اليومية للأفراد والجماعات، بالتالي فمقاربتها تستدعي أكثر من حقل معرفي: علم الاقتصاد دون شك،  لكن أيضا علم الاجتماع والسياسة والفلسفة والسبرنطيقا وعلوم الإعلام والاتصال وعلم النفس وما إلى ذلك.

+ الثاني أنها تستدعي في تحديد ماهيتها حسم الفارق الجوهري بين ما هو تقنية كأدوات وأجهزة وعتاد وبين التكنولوجيا كمعرفة ، كمضامين ، كمحتويات، كثقافة و...كنظام قيم.

2- من حسم هذين الإشكالين، يتأتى فهم محتوى هذه المحاضرة التي سأصيغها حول مجموعة أفكار أطرحها هنا للنقاش من جديد:

+ الفكرة الأولى هو أن التكنولوجيا تضم التقنية وتتعداها، بمعنى أن التكنولوجيا هي معارف ومضامين وثقافة ونظم قيم تتحول تطبيقيا إلى تقنية...أي إلى أدوات وأجهزة وأعتدة ووسائل عمل.
كل تقنية إذن هي في محدداتها ومرجعيتها وخلفيتها نتاج ثقافة وحضارة ونظام قيم وإذا انسلخت عن هذا أصبحت مجرد أدوات لا مكان لها ولا زمان.
هذا الأمر صحيح بالنسبة لكل أنواع التكنولوجيا...بالتالي فهو صحيح بالطبيعة بالنسبة لتكنولوجيا الإعلام والاتصال بما هي مجموع الوسائل والأدوات التي تمكن من جمع المعلومات وترتيبها واستغلالها وبعثها من جهة لجهة أخرى.

+ الفكرة الثانية تكمن في أن كل تكنولوجيا الإعلام والاتصال أو لنقل معظمها منظم على شكل شبكي.
والشكل الشبكي يحكمه منطق التنظيم والنسق وصعوبة التجزيء وهو ما يجعل من هذه التكنولوجيا متراصة المكونات، متكاملة العناصر...ويمكن التأكد من ذلك من خلال استحضار نماذج الاتصالات والسمعي- البصري وكذلك المعلوميات.

+ الفكرة الثالثة هو أن الطبيعة التكاملية والنسقية لهذه التكنولوجيا فرضت نوعا من التنظيم سمي نظريا ب" الاحتكار الطبيعي" والذي معناه أن الطبيعة الاحتكارية للقطاعات التكنولوجية الإعلامية والاتصالية تفرض تكفل فاعل واحد بأمر تملكها وتسييرها. الاعتبارات تنظيمية دون شك،  لكنها أيضا سياسية واقتصادية وأمنية وجيوستراتيجية.

+ الفكرة الثالثة هو أن البعد السياسي والجيوستراتيجي يأتي بالأساس من اعتبار أن من يتحكم في المعلومة هو بالضرورة من يتحكم في الباقي...هو الأقوى نهاية المطاف سواء كان الظرف ظرف حرب أم كان ظرف سلام.

+ الفكرة الرابعة: البعد الاقتصادي لتكنولوجيا الإعلام والاتصال لا يأتي فقط من كونها تساهم بقوة في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولكن أيضا وبالأساس في سياسات إعداد التراب الوطني وإزاحة التهميش عن المناطق النائية وما إلى ذلك.

+ الفكرة الخامسة: هذه التكنولوجيا ستصبح في القرن المقبل مقياس تقدم الأمم وباروميطرا حقيقيا على مدى قابلية ثقافتها على مسايرة العصر ومسايرة تكنولوجيا العصر ... ليس التلميح هنا إلى "الأمم البطيئة والأمم السريعة" ولكن أيضا إلى ما بدأ يتكرس ك "أمم فقيرة معلوماتيا وأمما غنية" ...الخ.

+ الفكرة السادسة: نقل التكنولوجيا...هل بالإمكان ذلك؟
قد يجوز كتقنيات لكنه من المستحيل كمعارف ومضامين وثقافة وكنظام قيم...الأمم والثقافات نفسها لن تقبل هذه "التكنولوجيا" إذا كانت تعبر عن نظام قيم قد لا يكون بالضرورة صالحا لكل دول وشعوب وثقافات العالم.

+ الفكرة السابعة: الواجب (أعني المباح) هو الوصول إلى هذه التكنولوجيا وتملك ما توفر منها على أن المطلوب إنما يكمن في إقامة قاعدته لإنتاج " تكنولوجيته".
  
محاضرة، الأيام الثقافية الأولى، جمعية قدماء تلاميذ ثانوية سيدي عيسى، سوق الأربعاء 21 ماي 2000

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق